کد مطلب:99270 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:134

خطبه 086-موعظه یاران











[صفحه 364]

الشرح: استشعر الحزن: جعله كالشعار، و هو ما یلی الجسد من الثیاب. و تجلبب الخوف: جعله جلبابا، ای ثوبا. زهر مصباح الهدی: اضاء. و اعد القری لیومه، ای اعد ما قدمه من الطاعات قری لضیف الموت النازل به. و الفرات: العذب. و قوله: (فشرب نهلا)، یجوز ان یكون اراد بقوله: (نهلا) المصدر، من نهل ینهل نهلا، ای شرب حتی روی، و یجوز ان یرید بالنهل الشرب الاول خاصه، و یرید انه اكتفی بما شربه اولا، فلم یحتج الی العلل. و طریق جدد: لاعثار فیه لقوه ارضه. و قطع غماره، یقال: بحر غمر، ای كثیر الماء، و بحار غمار. و استمسك من العرا باوثقها، ای من العقود الوثیقه، قال تعالی: (فقد استمسك بالعروه الوثقی). و نصب نفسه لله، ای اقامها. كشاف عشوات: جمع عشوه و عشوه و عشوه، بالحركات الثلاث، و هی الامر الملتبس، یقال: اوطانی عشوه. و المعضلات: جمع معضله و هی الشدائد و الامور التی لایهتدی لوجهها. دلیل فلوات، ای یهتدی به كما یهتدی الركب فی الفلاه بدلیلهم. امها: قصدها. و مظنه الشی ء: حیث یظن وجوده. و الثقل. متاع المسافر و حشمه. (فصل فی العباد و الزهاد و العارفین و احوالهم) و اعلم: ان هذا الكلام منه اخذ اصحاب علم الطریقه و الحقیقه علمهم

، و هو تصریح بحال العارف و مكانته من الله تعالی. و العرفان درجه حال رفیعه شریفه جدا، مناسبه للنبوه، و یختص الله تعالی بها من یقربه الیه من خلقه. و الاولیاء علی طبقات ثلاث: الطبقه الاولی: حال العابد، و هو صاحب الصلاه الكثیره، و الصوم الدائم، و الحج و الصدقه. و الطبقه الثانیه: حال الزاهد، و هو المعرض عن ملاذ الدنیا و طیباتها، تقنعه الكسره، و تستره الخرقه، لا مال و لا زوجه و لا ولد. و الطبقه الثالثه: حال العارف، و هو الواصل الی الله سبحانه بنفسه لا ببدنه، و الباری ء سبحانه متمثل فی نفسه تمثل المعشوق فی ذات العاشق، و هو ارفع الطبقات، و بعده الزاهد. و اما العابد فهو ادونها، و ذلك لان العابد معامل كالتاجر، یعبد لیثاب، و یتعب نفسه لیرتاح، فهو یعطی من نفسه شیئا و یطلب ثمنه و عوضه، و قد یكون العابد غنیا موسرا، كثیر المال و الولد، فلیست حاله من احوال الكمال. و اما الزاهد، فانه احتقر الدنیا و عروضها و قیناتها، فخلصت نفسه من دناءه المطامع و صار عزیزا ملكا، لا سلطان علیه لنفسه و لا لغیره، فاستراح من الذل و الهوان، و لم یبق لنفسه شی ء تشتاق الیه بعد الموت، فكان اقرب الی السلامه و النجاه من العابد الغنی الموسر. و اما العار

ف فانه بالحال التی وصفناها، و یستلزم مع جودها ان یكون زاهدا، لانه لایتصور العرفان مع تعلق النفس بملاذ الدنیا و شهواتها. نعم قد یحصل بعض العرفان لبعض العلماء الفضلاء، مع تعلقهم بشهوات الدنیا، و لكنهم لایكونون كاملین فی احوالهم، و انما تحصل الحاله الكامله لمن رفض الدنیا و تخلی عنها، و تستلزم الحاله المذكوره ایضا ان یكون عابدا عباده ما، و لیس یشترط فی حصول حال العرفان ان یكون علی قدم عظیمه من العباده، بل الاكثار من العباده حجاب كما قیل، و لكن لابد من القیام بالفرائض و شی ء یسیر من النوافل. و اعلم: ان العارف هو العارف بالله تعالی و صفاته و ملائكته و رسله و كتبه، و بالحكمه المودعه فی نظام العالم، لا سیما الافلاك و الكواكب، و تركیب طبقات العناصر، و الاحكام و فی تركیب الابدان الانسانیه. فمن حصل له ذلك، فهو العارف، و ان لم یحصل له ذلك، فهو ناقص العرفان، و ان انضم الی ذلك استشعاره جلال الله تعالی و عظمته، و ریاضه النفس و المجاهده، و الصبر و الرضا و التوكل، فقد ارتفع طبقه اخری، فان حصل له بعد ذلك الحب و الوجد، فقد ارتفع طبقه اخری، فان حصل له بعد ذلك الاعراض عن كل شی ء سوی الله، و ان یصیر مسلوبا عن الموجودات كلها، فلا ی

شعر الا بنفسه و بالله تعالی فقد ارتفع طبقه اخری، و هی ارفع طبقات. و هناك طبقه اخری یذكرونها، و هی ان یسلب عن نفسه ایضا، فلا یكون له شعور بها اصلا، و انما یكون شاعرا بالقیوم الاول سبحانه لا غیر، و هذه درجه الاتحاد، بان تصیر الذاتان ذاتا واحده. و هذا قول قوم من الاوائل و من المتاخرین ایضا، و هو مقام صعب، لاتثبت العقول لتصوره و اكتناهه. و اعلم ان هذه الصفات و الشروط و النعوت التی ذكرها فی شرح حال العارف، انما یعنی بها نفسه (ع)، و هو من الكلام الذی له ظاهر و باطن، فظاهره ان یشرح حال العارف المطلق، و باطنه ان یشرح حال عارف معین، و هو نفسه (ع). و سیاتی فی آخر الخطبه ما یدل علی ذلك. و نحن نذكر الصفات التی اشار (ع) الیها واحده واحده: فاولها: ان یكون عبدا اعانه الله علی نفسه، و معنی ذلك ان یخصه بالطاف یختار عندها الحسن و یتجنب القبیح فكانه اقام النفس فی مقام العدو، و اقام الالطاف مقام المعونه التی یمده الله سبحانه بها، فیكسر عادیه العدو المذكور و بهذا الاعتبار سمی قوم من المتكلمین اللطف عونا. و ثانیها: ان یستشعر الحزن، ای یحزن علی الایام الماضیه، ان لم یكن اكتسب فیها من موجبات الاختصاص اضعاف ما اكتسبه. و ثالثها: ان ی

تجلبب الخوف، ای یخاف من الاعراض عنه، بان یصدر عنه ما یمحوه من جریده المخلصین. و رابعها: ان یعد القری لضعیف المنیه، و ذلك باقامه وظائف العباده. و خامسها: ان یقرب علی نفسه البعید، و ذلك بان یمثل الموت بین عینیه صباحا و مساء، و الا یطیل الامل. و سادسها: ان یهون علیه الشدائد، و ذلك باحتمال كلف المجاهده و ریاضه النفس علی عمل المشاق. و سابعها: ان یكون قد نظر فابصر، و ذلك بترتیب المقدمات المطابقه لمتعلقاتها ترتیبا صحیحا، لتنتج العلم الیقینی. و ثامنها: ان یذكر الله تعالی فیستكثر من ذكره، لان ذكره سبحانه و الاكثار منه، یقتضی سكون النفس و طمانینتها، كما قال تعالی: (الا بذكر الله تطمئن القلوب). و تاسعها: ان یرتوی من حب الله تعالی، و هو العذب الفرات، الذی سهل موارده علی من انتخبه الله، و جعله اهلا للوصول الیه، فشرب منه و نهل، و سلك طریقا لاعثار فیه و لاوعث. و عاشرها: ان یخلع سرابیل الشهوات لان الشهوات، تصدی ء مرآه العقل، فلا تنطبع المعقولات فیها كما ینبغی، و كذلك الغضب. و حادی عشرها: ان یتخلی من الهموم كلها، لانها تزیدات و قواطع عن المطلوب، الا هما واحدا و هو همه بمولاه، الذی لذته و سروره الاهتمام به، و التفرد بمناجاته

و مطالعه انوار عزته، فحینئذ یخرج عن صفه اهل العمی، و من مشاركه اهل الهوی، لانه قد امتاز عنهم بهذه المرتبه و الخاصیه التی حصلت له فصار مفتاحا لباب الهدی، و مغلاقا لباب الضلال و الردی، قد ابصر طریق الهدی، و سلك سبیله، و عرف مناره، و قطع غماره. و ثانی عشرها: ان ینصب نفسه لله فی ارفع الامور، و هو الخلوه به و مقابله انوار جلاله بمرآه فكره، حتی تتكیف نفسه بتلك الكیفیه العظیمه الاشراق، فهذا ارفع الامور و اجلها و اعظمها، و قد رمز فی هذا الفصل، و مزجه بكلام خرج به الی امر آخر، و هو فقه النفس فی الدین، و الامور الشرعیه النافعه للناس فی دنیاهم و اخراهم، اما فی دنیاهم فلردع المفسد و كف الظالم، و اما فی اخراهم فللفوز بالسعاده باعتبار امتثال الاوامر الالهیه. فقال: (فی اصدار كل وارد علیه)، ای فی فتیا كل مستفت له، و هدایه كل مسترشد له فی الدین، ثم قال: (و تصییر كل فرع الی اصله). و یمكن ان یحتج بهذا من قال بالقیاس، و یمكن ان یقال: انه لم یرد ذلك، بل اراد تخریج الفروع العقلیه، و ردها الی اصولها، كما یتكلف اصحابنا القول فی بیان حكمه القدیم تعالی، فی الالام و ذبح الحیوانات، ردا له الی اصل العدل، و هو كونه تعالی لایفعل القبیح. و

ثالث عشرها: ان یكون مصباحا لظلمات الضلال، كشافا لعشوات الشبه، مفتاحا لمبهمات الشكوك المستغلقه، دفاعا لمعضلات الاحتجاجات العقلیه الدقیقه الغامضه، دلیلا فی فلوات الانظار الصعبه المشتبهه، و لم یكن فی اصحاب محمد (ص) احد بهذه الصفه الا هو. و رابع عشرها: ان یقول مخاطبا لغیره فیفهمه ما خاطبه به، و ان یسكت فیسلم، و ذلك لانه لیس كل قائل مفهما، و لا كل ساكت سالما. و خامش عشرها: ان یكون قد اخلص لله فاستخلصه الله، و الاخلاص لله مقام عظیم جدا، و هو ینزه الافعال عن الریاء، و الا یمازج العباده امر لایكون لله سبحانه، و لهذا كان بعض الصالحین یصبح من طول العباده نصبا قشفا، فیكتحل و یدهن، لیذهب بذلك اثر العباده عنه. و قوله: (فهو من معادن دینه و اوتاد ارضه)، معادن دینه: الذین یقتبس الدین منهم، كمعادن الذهب و الفضه، و هی الارضون التی یلتقط ذلك منها، و اوتاد ارضه: هم الذین لولاهم لمادت الارض و ارتجت باهلها، و هذا من باب الاستعاره الفصیحه، و اهل هذا العلم یقولون: اوتاد الارض جماعه من الصالحین، و لهم فی الاوتاد و الابدال و الاقطاب كلام مشهور فی كتبهم. و سادس عشرها: ان یكون قد الزم نفسه العدل، و العداله: ملكه تصدر بها عن النفس الافع

ال الفاضله خلقا لاتخلقا. و اقسام العداله ثلاثه، هی الاصول و ما عداها من الفضائل فروع علیها: الاولی الشجاعه، و یدخل فیها السخاء لانه شجاعه و تهوین للمال، كما ان الشجاعه الاصلیه تهوین للنفس، فالشجاع فی الحرب جواد بنفسه، و الجواد بالمال شجاع فی انفاقه، و لهذا قال الطائی: ایقنت ان من السماح شجاعه تدمی، و ان من الشجاعه جودا و الثانیه: الفقه، و یدخل فیها القناعه و الزهد و العزله. و الثالثه: الحكمه، و هی اشرفها. و لم تحصل العداله الكامله لاحد من البشر بعد رسول الله (ص) الا لهذا الرجل، و من انصف علم صحه ذلك، فان شجاعته و جوده، و عفته و قناعته و زهده، یضرب بها الامثال. و اما الحكمه و البحث فی الامور الالهیه، فلم یكن من فن احد من العرب، و لانقل فی جهاد اكابرهم و اصاغرهم شی ء من ذلك اصلا، و هذا فن كانت الیونان و اوائل الحكماء و اساطین الحكمه ینفردون به، و اول من خاض فیه من العرب علی (ع)، و لهذا تجد المباحث الدقیقه فی التوحید و العدل مبثوثه عنه فی فرش كلامه و خطبه، و لاتجد فی كلام احد من الصحابه و التابعین كلمه واحده من ذلك، و لایتصورونه، و لو فهموه لم یفهموه، و انی للعرب ذلك! و لهذا انتسب المتكلمون الذین لججوا فی ب

حار المعقولات الیه خاصه دون غیره، و سموه استاذهم و رئیسهم، و اجتذبته كل فرقه من الفرق الی نفسها، الا تری ان اصحابنا ینتمون الی واصل بن عطاء، و واصل تلمیذ ابی هاشم بن محمد بن الحنفیه، و ابوهاشم تلمیذ ابیه محمد، و محمد تلمیذ ابیه علی (ع)! فاما الشیعه من الامامیه و الزیدیه و الكیسانیه، فانتماوهم الیه ظاهر. و اما الاشعریه فانهم باخره ینتمون الیه ایضا، لان اباالحسن الاشعری تلمیذ شیخنا ابی علی رحمه الله تعالی، و ابو علی تلمیذ ابی یعقوب الشحام، و ابویعقوب تلمیذ ابی الهذیل، و ابوالهذیل تلمید ابی عثمان الطویل و ابوعثمان الطویل، تلمیذ واصل بن عطاء، فعاد الامر الی انتهاء الاشعریه الی علی (ع). و اما الكرامیه فان ابن الهیصم ذكر فی كتاب "المقالات" ان اصل مقالتهم و عقیدتهم تنتهی الی علی (ع) من طریقین: احدهما: بانهم یسندون اعتقادهم عن شیخ بعد شیخ، الی ان ینتهی الی سفیان الثوری، ثم قال: و سفیان الثوری من الزیدیه، ثم سال نفسه فقال: اذا كان شیخكم الاكبر الذی تنتمون الیه كان زیدیا، فما بالكم لاتكونون زیدیه؟ و اجاب بان سفیان الثوری رحمه الله تعالی، و ان اشهر عنه الزیدیه، الا ان تزیده انما كان عباره عن موالاه اهل البیت، و انكار ما

كان بنو امیه علیه من الظلم، و اجلال زید بن علی و تعظیمه، و تصوینه فی احكامه و احواله، و لم ینقل عن سفیان الثوری انه طعن فی احد من الصحابه. الطریق الثانی: انه عد مشایخهم واحدا فواحدا، حتی انتهی الی علماء الكوفه من اصحاب علی، كسلمه بن كهیل، و حبه العرنی، و سالم بن الجعد، و الفضل بن دكین، و شعبه، و الاعمش، و علقمه و هبیره بن مریم، و ابی اسحاق الشعبی، و غیرهم، ثم قال: و هولاء اخذوا العلم من علی بن ابی طالب (ع)، فهو رئیس الجماعه- یعنی اصحابه- و اقوالهم منقوله عنه و ماخوذه منه. و اما الخوارج فانتماوهم الیه ظاهر ایضا، مع طعنهم فیه، لانهم كانوا اصحابه، و عنه مرقوا، بعد ان تعلموا عنه، و اقتبسوا منه و هم شیعته و انصاره بالجمل و صفین، و لكن الشیطان ران علی قلوبهم، و اعمی بصائرهم. ثم انه (ع) ذكر حال هذا العارف العادل فقال: (اول عدله نفی الهوی عن نفسه)، و ذلك لان من یامر و لا یاتمر، و ینهی و لا ینتهی، لا توثر عظته، و لاینفع ارشاده. ثم شرح ذلك فقال: (یصف الحق و یعمل به). ثم قال: (لا یدع للخیر غایه الا امها، و لا مظنه الا قصدها)، و ذلك لان الخیر لذته و سروره و راحته، فمتی وجد الیه طریقا سلكها، ثم قال: (قد امكن الكتاب- یعنی

القرآن- من زمامه)، ای قد اطاع الاوامر الالهیه، فالقرآن قائده و امامه، یحل حیث حل، و ینزل حیث نزل.

[صفحه 373]

الشرح: الجهائل: جمع جهاله، كما قالوا: علاقه و علائق. و الاضالیل: الضلال، جمع لا واحد له من لفظه. و قوله: (و قد حمل الكتاب علی آرائه)، یعنی قد فسر الكتاب و تاوله علی مقتضی هواه و قد اوضح ذلك بقوله: (و عطف الحق علی اهوائه). و قوله: (یومن الناس من العظائم)، فیه تاكید لمذهب اصحابنا فی الوعید، و تضعیف لمذهب المرجئه الذین یومنون الناس من عظائم الذنوب، و یمنونهم العفو، مع الاصرار و ترك التوبه. و جاء فی الخبر المرفوع المشهور: (الكیس من دان نفسه، و عمل لما بعد الموت، و الاحمق من اتبع نفسه هواها، و تمنی علی الله). و قوله: (یقول اقف عند الشبهات)، یعنی ان هذا المدعی للعلم یقول لنفسه و للناس: انا واقف عند ادنی شبهه تحرجا و تورعا، كما قال (ص): (دع ما یریبك الی ما لایریبك). ثم قال: (و فی الشبهات وقع)، ای بجهله: لان من لایعلم الشبهه ما هی، كیف یقف عندها، و یتخرج من الورطه فیها، و هو لایامن من كونها غیر شبهه علی الحقیقه! و قوله: (اعتزل البدع، و بینها اضطجع)، اشاره الی تضعیف مذاهب العامه و الحشویه الذین رفضوا النظر العقلی، و قالوا: نعتزل البدع. و قوله: (فالصوره صوره انسان...) و ما بعده، فمراده بالحیوان هاهنا ا

لحیوان الاخرس كالحمار و الثور، و لیس یرید العموم، لان الانسان داخل فی الحیوان، و هذا مثل قوله تعالی: (ان هم الا كالانعام بل هم اضل سبیلا). و قال الشاعر: و كائن تری من صامت لك معجب زیادته او نقصه فی التكلم لسان الفتی نصف و نصف فواده فلم یبق الا صوره اللحم و الدم قوله: (و ذلك میت الاحیاء) كلمه فصیحه، و قد اخذها شاعر فقال: لیس من مات فاستراح بمیت انما المیت میت الاحیاء الا ان امیرالمومنین (ع) اراد لجهله، و الشاعر اراد لبوسه. و توفكون: تقلبون و تصرفون. و الاعلام: المعجزات هاهنا، جمع علم، و اصله الجبل او الرایه و المناره، تنصب فی الفلاه لیهتدی بها. و قوله: (فاین یتاه بكم!) ای این یذهب بكم فی التیه! و یقال: ارض تهیاء یتحیر سالكها. و تعمهون: تتحیرون و تضلون. و عتره رسول الله (ص): اهله الادنون و نسله، و لیس بصحیح قول من قال: انهم رهطه و ان بعدوا، و انما قال ابوبكر یوم السقیفه او بعده: (نحن عتره رسول الله (ص) و بیضته التی فقئت عنه)، علی طریق المجاز، لانهم بالنسبه الی الامصار عتره له لا فی الحقیقه، الا تری ان العدنانی یفاخر القحطانی، فیقول له: انا ابن عم رسول الله (ص)، لیس یعنی انه ابن عمه علی الحقیقه، بل

هو بالاضافه الی القحطانی كانه ابن عمه، و انما استعمل ذلك و نطق به مجازا. فان قدر مقدر انه علی طریق حذف المضافات، ای ابن ابن عم اب الاب، الی عدد كثیر فی البنین و الاباء، فكذلك اراد ابوبكر انهم عتره اجداده، علی طریق حذف المضاف. و قد بین رسول الله (ص) عترته من هی، لما قال: (انی تارك فیكم الثقلین)، فقال: (عترتی اهل بیتی)، و بین فی مقام آخر من اهل بیته حیث طرح علیهم كساء. و قال حین نزلت: (انما یرید الله لیذهب عنكم الرجس): (اهل البیت اللهم هولاء اهل بیتی فاذهب الرجس عنهم) فان قلت: فمن هی العتره التی عناها امیرالمومنین (ع) بهذا الكلام؟ قلت: نفسه و ولداه، و الاصل فی الحقیقه نفسه، لان ولدیه تابعان له، و نسبتهما الیه مع وجوده كنسبه الكواكب المضیئه مع طلوع الشمس المشرقه، و قد نبه النبی (ص) علی ذلك بقوله: (و ابوكما خیر منكما). و قوله: (و هم ازمه الحق): جمع زمام، كانه جعل الحق دائرا معهم حیثما داروا، و ذاهبا معهم حیثما ذهبوا، كما ان الناقه طوع زمامها، و قد نبه الرسول (ص) علی صدق هذه القضیه بقوله: (و ادر الحق معه حیث دار). و قوله: (و السنه الصدق) من الالفاظ الشریفه القرآنیه، قال الله تعالی: (و اجعل لی لسان صدق فی الاخرین)

، لما كان یصدر عنهم حكم و لا قول الا و هو موافق للحق، و الصواب جعلهم كانهم السنه صدق لایصدر عنها قول كاذب اصلا، بل هی كالمطبوعه علی الصدق. و قوله: (فانزلوهم منازل القرآن) تحته سر عظیم، و ذلك انه امر المكلفین بان یجروا العتره فی اجلالها و اعظامها و الانقیاد لها و الطاعه لاوامرها مجری القرآن. فان قلت: فهذا القول منه یشعر بان العتره معصومه، فما قول اصحابكم فی ذلك؟ قلت: نص ابو محمد بن متویه، رحمه الله تعالی فی كتاب "الكفایه" علی ان علیا (ع) معصوم، و ان لم یكن واجب العصمه، و لا العصمه شرط فی الامامه، لكن ادله النصوص قد دلت علی عصمته، و القطع علی باطنه و مغیبه، و ان ذلك امر اختص هو به دون غیره من الصحابه، و الفرق ظاهر بین قولنا: زید معصوم، و بین قولنا: (زید واجب العصمه)، لانه امام، و من شرط الامام ان یكون معصوما، فالاعتبار الاول مذهبنا، و الاعتبار الثانی مذهب الامامیه. ثم قال: (و ردوهم ورد الهیم العطاش)، ای كونوا ذوی حرص و انكماش علی اخذ العلم و الدین منهم، كحرص الهیم الظماء علی ورود الماء. ثم قال: (ایها الناس خذوها عن خاتم النبیین) الی قوله: (و لیس ببال) هذا الموضع یحتاج الی تلطف فی الشرح، لان لقائل ان یقول: ظاهر

هذا الكلام متناقض، لانه قال: (یموت من مات منا و لیس بمیت)، و هذا كما تقول: یتحرك المتحرك، و لیس بمتحرك و كذلك قوله: و یبلی من بلی منا، و لیس ببال)، الا تری انه سلب و ایجاب لشی ء واحد! فان قلتم: اراد بقاء النفس بعد موت الجسد، كما قاله الاوائل و قوم من المتكلمین، قیل لكم: فلا اختصاص للنبی و لا لعلی بذلك، بل هذه قضیه عامه فی جمیع البشر، و الكلام خرج مخرج التمدح و الفخر. فنقول فی الجواب: ان هذا یمكن ان یحمل علی وجهین: احدهما: ان یكون النبی (ص) و علی و من یتلوهما من اطایب العتره احیاء بابدانهم التی كانت فی الدنیا باعیانها، قد رفعهم الله تعالی الی ملكوت سماواته، و علی هذا لو قدرنا ان محتفرا احتفر تلك الاجداث الطاهره عقب دفنهم لم یجد الابدان فی الارض، و قد روی فی الخبر النبوی (ص) مثل ذلك، و هو قوله: (ان الارض لم تسلط علی، و انها لاتاكل لی لحما و لاتشرب لی دما) نعم یبقی الاشكال فی قوله: (و یبلی من بلی منا و لیس ببال)، فانه ان صح هذا التفسیر فی الكلام الاول، و هو قوله: (یموت من مات منا و لیس بمیت)، فلیس یصح فی القضیه الثانیه، و هی حدیث البلاء، لانها تقتضی ان الابدان تبلی و ذاك الانسان لم یبل، فاحوج هذا الاشكال الی تق

دیر فاعل محذوف، فیكون تقدیر الكلام: یموت من مات حال موته و لیس بمیت فیما بعد ذلك من الاحوال و الاوقات، و یبلی كفن من بلی منا و لیس هو ببال، فحذف المضاف كقوله: (و الی مدین)، ای و الی اهل مدین، و لما كان الكفن كالجزء من المیت لاشتماله علیه عبر باحدهما عن الاخر للمجاوره و الاشتمال، كما عبروا عن المطر بالسماء، و عن الخارج المخصوص بالغائط، و عن الخمر بالكاس. و یجوز ان یحذف الفاعل كقوله تعالی: (حتی توارت بالحجاب)، و (فلولا اذا بلغت الحلقوم). و قول حاتم: (اذا حشرجت) و حذف الفاعل كثیر. و الوجه الثانی ان اكثر المتكلمین ذهبوا الی ان للانسان الحی الفعال اجزاء اصلیه فی هذه البنیه المشاهده، و هی اقل ما یمكن ان تاتلف منه البنیه التی معها یصح كون الحی حیا، و جعلوا الخطاب متوجها نحوها، و التكلیف واردا علیها، و ما عداها من الاجزاء، فهی فاضله لیست داخله فی حقیقه الانسان، و اذا صح ذلك جاز ان ینتزع الله تلك الاجزاء الاصلیه من ابدان الانبیاء و الاوصیاء، فیرفعها الیه بعد ان یخلق لها من الاجزاء الفاضله عنها نظیر ما كان لها فی الدار الاولی، كما قاله من ذهب الی قیامه الانفس و الابدان معا، فتنعم عنده و تلتذ بضروب اللذات الجسمانیه، و ی

كون هذا مخصوصا بهذه الشجره المباركه دون غیرها، و لا عجب فقد ورد فی حق الشهداء نحو ذلك فی قوله تعالی: (و لاتحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله امواتا بل احیاء عند ربهم یرزقون). و علی الوجه الاول لو ان محتفرا احتفر اجداثهم لوجد الابدان فیها، و ان لم یعلم ان اصول تلك البنی قد انتزعت منها و نقلت الی الرفیق الاعلی، و هذا الوجه لایحتاج الی تقدیر ما قدرناه اولا من الحذف، لان الجسد یبلی فی القبر الا قدر ما انتزع منه و نقل الی محل القدس، و كذلك ایضا یصدق علی الجسد انه میت، و ان كان اصل بنیته لم یمت، و قد ورد فی الخبر الصحیح: (ان ارواح الشهداء من المومنین فی حواصل طیور خضر تدور فی افناء الجنان، و تاكل من ثمارها، و تاوی الی قنادیل من ذهب معلقه فی ظل العرش)، فاذا جاء هذا فی الشهداء فما ظنك بموالی الشهداء و ساداتهم! فان قلت: فهل یجوز ان یتاول كلامه، فیقال: لعله اراد بقاء الذكر و الصیت؟ قلت انه لبعید، لان غیرهم یشركهم فی ذلك، و لانه اخرج الكلام مخرج المستغرب المستعظم له. فان قلت: فهل یمكن ان یقال: ان الضمیر یعود الی النبی (ص)، لانه قد ذكره فی قوله: (خاتم النبیین) فیكون التقدیر: انه یموت من مات منا و النبی (ص) لیس بمیت، و یبلی

من بلی منا و النبی لیس ببال. قلت: هذا ابعد من الاول، لانه لو اراد ذلك لقال: ان رسول الله (ص) لاتبلیه الارض، و انه الان حی، و لم یات بهذا الكلام الموهم، و لانه فی سیاق تعظیم العتره و تبجیل امرها، و فخره بنفسه و تمدحه بخصائصه و مزایاه، فلا یجوز ان یدخل فی غضون ذلك ما لیس منه. فان قلت: فهل هذا الكلام منه ام قاله مرفوعا؟ قلت: بل ذكره مرفوعا، الا تراه قال: (خذوها عن خاتم النبیین). ثم نعود الی التفسیر فنقول: انه لما قال لهم ذلك علم انه قال قولا عجیبا، و ذكر امرا غریبا، و علم انهم ینكرون ذلك و یعجبون منه فقال لهم: فلا تقولوا ما لاتعرفون، ای لاتكذبوا اخباری، و لاتكذبوا اخبار رسول الله لكم بهذا فتقولون ما لاتعلمون صحته، ثم قال: فان اكثر الحق فی الامور العجیبه التی تنكرونها كاحیاء الموتی فی القیامه، و كالصراط و المیزان و النار و الجنه و سائر احوال الاخره، هذا ان كان خاطب من لایعتقد الاسلام، فان كان الخطاب لمن یعتقد الاسلام فانه یعنی بذلك ان اكثرهم كانوا مرجئه و مشبهه و مجبره، و من یعتقد افضلیه غیره علیه، و من یعتقد انه شرك فی دم عثمان، و من یعتقد ان معاویه صاحب حجه فی حربه، او شبهه یمكن ان یتعلق بها متعلق، و من یعتقد

انه اخطا فی التحكیم، الی غیر ذلك من ضروب الخطا التی كان اكثرهم علیها. ثم قال: (و اعذروا من لا حجه لكم علیه و هو انا)، یقول: قد عدلت فیكم، و احسنت السیره و اقمتكم علی المحجه البیضاء، حتی لم یبق لاحد منكم حجه یحتج بها علی، ثم شرح ذلك، فقال: (عملت فیكم بالثقل الاكبر)، یعنی الكتاب (و خلفت فیكم الاصغر) یعنی ولدیه، لانهما بقیه الثقل الاصغر، فجاز ان یطلق علیهما بعد ذهاب من ذهب منه انهما الثقل الاصغر، و انما سمی النبی (ص) الكتاب، و العتره الثقلین لان الثقل فی اللغه متاع المسافر و حشمه، فكانه (ص) لما شارف الانتقال الی جوار ربه تعالی جعل نفسه كالمسافر الذی ینتقل من منزل الی منزل، و جعل الكتاب و العتره كمتاعه و حشمه، لانهما اخص الاشیاء به. قوله: (و ركزت فیكم رایه الایمان)، ای غرزتها و اثبتها، و هذا من باب الاستعاره. و كذلك قوله: (و وقفتكم علی حدود الحلال و الحرام) من باب الاستعاره ایضا، ماخوذ من حدود الدار و هی الجهات الفاصله بینها و بین غیرها. قوله: (و البستكم العافیه من عدلی) استعاره فصیحه، و افصح منها قوله: (و فرشتكم المعروف من قولی و فعلی)، ای جعلته لكم فراشا، و فرش هاهنا: متعد الی مفعولین، یقال فرشته كذا، ای اوسعت

ه ایاه. ثم نهاهم ان یستعملوا الرای فیما ذكره لهم من خصائص العتره و عجائب ما منحها الله تعالی، فقال: ان امرنا امر صعب لاتهتدی الیه العقول، و لاتدرك الابصار قعره، و لاتتغلغل الافكار الیه. و التغلغل: الدخول، من تغلغل الماء بین الشجر، اذا تخللها و دخل بین اصولها.

[صفحه 381]

الشرح: معقوله محبوسه بعقال كما تعقل الناقه. و تمنحهم: تعطیهم، و المنح: العطاء، منح یمنح بالفتح، و الاسم المنحه بالكسر، و استمنحت زیدا: طلبت منحته. و الدر فی الاصل: اللبن، جعل الدنیا كناقه معقوله علیهم تمنحهم لبنها، ثم استعمل الدر فی كل خیر و نفع، فقیل: لا در دره! ای لاكثر خیره، و یقال فی المدح: لله دره ای عمله. و مجه من لذیذ العیش، مصدر مج الشراب من فیه، ای رمی به و قذفه، و یقال: انمجت نقطه من القلم ای ترششت، و شیخ ماج، ای كبیر یمج الریق، و لایستطیع حبسه لكبره. و یتطعمونها، ای یذوقونها. و برهه، ای مده من الزمان فیها طول. و لفظت الشی ء من فمی، الفظه لفظا: رمیته، و ذلك الشی ء اللفاظه و اللفاظ، ای یلفظونها كلها لایبقی منها شی ء معهم. و هذه الخطبه طویله، و قد حذف الرضی رحمه الله تعالی منها كثیرا، و من جملتها: اما و الذی فلق الحبه، و برا النسمه، لایرون الذی ینتظرون حتی یهلك المتمنون. و یضمحل المحلون، و یتثبت المومنون، و قلیل ما یكون، و الله و الله لاترون الذی تنتظرون حتی لاتدعون الله الا اشاره بایدیكم و ایماضا بحواجبكم، و حتی لاتملكون من الارض الا مواضع اقدامكم، و حتی یكون موضع سلاحكم علی ظهوركم، ف

یومئذ لاینصرنی الا الله بملائكته، و من كتب علی قلبه الایمان، و الذی نفس علی بیده لاتقوم عصابه تطلب لی او لغیری حقا، او تدفع عنا ضیما الا صرعتهم البلیه، حتی تقوم عصابه شهدت مع محمد (ص) بدرا، لایودی قتیلهم، و لایداوی جریحهم، و لاینعش صریعهم. قال المفسرون: هم الملائكه. و منها: لقد دعوتكم الی الحق و تولیتم، و ضربتكم بالدره فما استقمتم، و ستلیكم بعدی ولاه یعذبونكم بالسیاط و الحدید، و سیاتیكم غلاما ثقیف: اخفش و جعبوب، یقتلان و یظلمان، و قلیل ما یمكنان. قلت: الاخفش: الضعیف البصر خلقه، و الجعبوب: القصیر الذمیم، و هما الحجاج و یوسف بن عمر. و فی كتاب عبدالملك الی الحجاج: قاتلك الله اخیفش العینین، اصك الجاعرنین! و من كلام الحسن البصری رحمه الله تعالی یذكر فیه الحجاج: اتانا اعیمش اخیمش یمد بید قصیره البنان، ما عرق فیها عنان فی سبیل الله. و كان المثل یضرب بقصر یوسف بن عمر، و كان یغضب اذا قیل له قصیر، فصل له الخیاط ثوبا، فابقی منه فضله كثیره، فقال له: ما هذه؟ قال فضلت من قمیص الامیر، فضربه مائه سوط، فكان الخیاطون بعد ذلك یفصلون له الیسیر من الثوب، و یاخذون الباقی لانفسهم.


صفحه 364، 373، 381.